يتكون جهازنا العصبي من العَصَبُونات (الخلايا العصبية) والتي تتكون من ثلاثة أجزاء رئيسية: 1) التغصنات وهي تفرعات من العصبون تتلقى الإشارة من العصبونات الأخرى 2) جسم الخلية والذي يحوي على جميع عضيات العصبون

الأساسية مثل النواة، 3) والمحوار المُغلَّف بشكل متقطع بالمَيَالين الدّهني (النّخاعِين). تتلقى هذه التغصنات الإشارات من العصبونات الأخرى بواسطة نواقل عصبية والتي تمثل إشارة كيميائية ترتبط بالمستقبلات الموجودة على التغصنات.

يفتح هذا الارتباط قنوات شاردية سامحة بذلك للشوارد المشحونة بالتدفق داخل وخارج الخلية محوّلة الإشارة الكيميائية إلى كهربائية. بما أن العصبون الواحد قد يحوي على الآلاف من التغصنات التي تتلقى الإشارة، فإذا كان التأثير المشترك لعديد من التغصنات كافياً لتغيير الشحنة الإجمالية للخلية، فإن ذلك سيطلق جُهد الفعل:

وهو عبارة عن إشارة كهربائية تسير بسرعة 100 متر في الثانية عبر المحوار وتثير إطلاق ناقل عصبي في النهاية الأخرى وبالتالي سيرحّل الإشارة إلى مناطق أبعد. إذاً تستخدم العصبونات النواقل العصبية كإشارة للتواصل مع بعضها بعضاً.

ولكنها تستخدم جُهد الِفعل لنقل الإشارة على امتدادها. قد تكون بعض هذه العصبونات طويلة جداً وخاصة تلك التي تسير من الحبل الشوكي إلى أصابع القدم، لذلك حركة هذه الإشارة الكهربائية مهمة جداً.

ولكن لماذا يوجد شحنة كهربائية في الخلية أساساً ؟ يكون ذلك بسبب اختلاف تراكيز الشوارد بين داخل وخارج الخلية. يوجد بشكل عام شوارد صوديوم +Na وكلور -Cl وكالسيوم ++Ca أكثر

خارج الخلية وشوارد بوتاسيوم +K و-A والذي هو رمزٌ نستخدمه للأنيونات المشحونة بشكل سالب في الداخل. يعطي توزيع هذه الشوارد بشكل عام الخليةَ شحنةً إجمالية سلبية قريبة من

-65 ميليفولت مقارنة مع البيئة الخارجية، يدعى ذلك بجُهْدِ رَاحَة العصَبون. عندما يرتبط الناقل العصبي بالمستقبل على التَّغَصُّنات، فإن قناة شاردية مبوبة بلَجين تفتح سامحة بذلك لشوارد معينة بالتدفق إلى الداخل حسب القناة.

المبوبة بلَجين تعني حرفياً أن البوابة تستجيب لرابط وهنا هو ناقل عصبي فإذا أخذنا مثال القناة الشاردية للصوديوم المبوبة بلَجين، فإنها عندما تفتح ستسمح لشوارد الصوديوم بالتدفق إلى داخل الخلية. الشحنة الإيجابية الإضافية المتدفقة للداخل ستجعل الخلية أقل سلبية (تذكر أنها عادة حوالي 65- ميلي فولط)

فتصبح بذلك أقل قطبية وبالتالي تكسب شحنة إيجابية، ويُدعى ذلك بإزالة الاستقطاب. تفتح النواقل العصبية بشكل نموذجي عدة قنوات شاردية مبوبة بلَجين بآنٍ واحد لذا تدخل شوارد كالصوديوم والكالسيوم بينما قد تتدفق خارجاً شوارد أخرى كالبوتاسيوم مما يعني فعلياً

مغادرة بعض الشحنة الإيجابية للخلية. ولكن في النهاية، عندما تكون المحصلة الإجمالية الداخلة ذات شحنة إيجابية، يدعى ذلك الجُهْدُ الاسْتِثارِيُّ التالِي للمَشْبَك.

بالمقابل فإن فتح قنوات شوارد الكلور المبوبة بلَجين سيسبب تدفقاُ إجمالياً للشوارد السالبة للداخل مكوناً الجُهْدُ التَّثْبيطِيُّ التَّالِي للمَشْبَك، وجاعلاً بذلك كمون الغشاء أكثر سلبية وبالتالي إعادة استقطابه. الجهد التالي للمشبك سواء كان تثبيطياً أو استثارياً سيسبب فقط تغيراً صغيراً على جهد راحة الغشاء، ولكن

إذا تواجدت جهود استثارية كافية في عدة مواضع من التغصّنات، ستتمكن مجتمعة من دفع جهد الغشاء إلى عتبة معينة قيمتها حوالي 55- ميلي فولط، علماً أنها تتنوع حسب النسيج. تطلق بذلك انفتاح قنوات الصوديوم المبوبة بالفولتاج في بداية المحوار في مكان يدعى بُرُوْز المِحْوار.

فتنفتح قنوات مبوبة بالفولطاج إجابة للتغير في الفولطاج، وعندها يتدفق الصوديوم إلى داخل الخلية. يتسبب تدفق شوارد الصوديوم إلى الداخل والتغير الحاصل بجهد الغشاء بفتح قنوات الصوديوم المبوبة بالفولطاج المجاورة أيضاً، مبتدئة بذلك سلسلة تفاعلات

تستمر عبر طول المحوار بما يدعى بجُهْدُ الفِعْل وعندما يحدث هذا، نقول أن العصَبون قد "أُطَلقَ". عندما يدخل الكثير من الصوديوم عبر غشاء العصبون، يصبح الداخل إيجابي الشحنة مقارنة بالبيئة الخارجية لحوالي 40+ ميلي فولت.

عملية إزالة الاستقطاب هذه تنتهي عندما تتوقف قناة الصوديوم عن السماح للصوديوم بالتدفق إلى داخل الخلايا بما يسمى بالتعطيل. ولكن هذه الحالة مختلفة عن حالة القناة المغلقة، أو المفتوحة مثل أغلبية الأقنية الباقية. تمتاز قناة الصوديوم المبوبة بالفولطاج باحتوائها على ما يسمى بوابة التعطيل.

والتي تمنع دخول الصوديوم بعد وقت قصير من زوال الاستقطاب حتى يُعاد استقطاب الخلية وتدخل القناة الحالة المغلقة مجدداً وتتوقف بوابة التعطيل عن حظر التدفق، على الرغم من أن بوابة التعطيل لا تحظر دخول الصوديوم بعد الآن، ولكن القناة مغلقة لذا لا يدخل الصوديوم إلى الخلية.

الحالة المفتوحة، في الوسط هنا، هي الحالة الوحيدة التي يدخل فيها الصوديوم لداخل الخلية عبر القناة ولها نافذة عمل قصيرة جداً. بالإضافة لقنوات الصوديوم المبوبة بالفولتاج، لدينا أيضاً قنوات بوتاسيوم مبوبة بالفولتاج وهي تستجيب ببطء ولا تفتح إلا بعد أن تكون قنوات الصوديوم قد فتحت ثم أصبحت معطّلة.

إذاً، بعد التدفق الأولي للصوديوم إلى داخل الخلية، يتدفق البوتاسيوم إلى خارج الخلية حسب المدروج الكيميائي الكهربائي، مزيلاً بذلك بعض الشحنات الإيجابية وموقفاً تأثير الصوديوم المزيل للاستقطاب. قنوات البوتاسيوم لا تحتوي بوابة تعطيل منفصلة لذلك تبقى مفتوحة

لفترة أطول والذي يعني أنه هنالك فترة زمنية تكون محصلة حركة الشوارد الإيجابية إلى خارج الخلية مما يسبب زيادة الشحنة السلبية لجهد غشاء الخلية أي يعاد استقطابه. خلال فترة إعادة الاستقطاب، تعتمد الخلية أيضاً على مضخة الصوديوم والبوتاسيوم، وهي ناقل فعال

يحرك ثلاث شوارد صوديوم إلى خارج الخلية وشاردتي بواسيوم إلى داخلها. تكون الخلية في دَورِ الحِرانِ المُطْلَقِ في هذه الفترة من إعادة الاستقطاب حيث تكون قنوات الصوديوم معطّلة ولا تستجيب لأي مقدار من التنبيه.

يمنع دَورُ الحِرانِ المُطْلَقِ جهدَ الفعل من الحدوث بشكل باكر وقريب من سابقه ويبقي أيضاً جهد الفعل متحركاً باتجاه واحدٍ. تؤدي الجهود المجتمعة من المضخة والفتح المديد لقنوات البوتاسيوم المفتوحة

إلى فترة قصيرة من التَّصْحيحُ المُفْرِط أي أن العصبون يصبح بحالة فرط استقطاب مقارنةً مع جهد الراحة، وهنا تعود قنوات الصوديوم لحالتها البدئية المغلقة وتبقى قنوات البوتاسيوم مفتوحة لوقت قصير. نحن الآن في دَور الحِرَان النِّسْبِيّ، حيث تكون قنوات الصوديوم مغلقةً لكن يمكن

تفعيلها ولكن قنوات البوتاسيوم لازالت مفتوحة حيث أننا مازلنا في حالة فرط استقطاب، لذلك سنحتاج لمنبه قوي لإعادة فتح قنوات الصوديوم في هذه الفترة. وأخيراً، عندما تغلق قنوات البوتاسيوم، يعود العصبون إلى حالة جهد الراحة. حسناً، وكمراجعة سريعة باستخدام المخطّط، سنعتبر كمون الغشاء على المحور العمودي y والزمن على المحور الأفقي x.

نبدأ أولاً بكمون راحة حوالي -65 ميلي فولط وكل من قنوات الصوديوم المبوبة بالفولطاج وقنوات البوتاسيوم مغلقة، نتلقى جُهْداً اسْتِثارِيُّاً تالياً للمَشْبَك كافياً لنصل إلى العتبة أي حوالي -55 ميلي فولط. تفتح قنوات الصوديوم المبوبة بالفولطاج ونصل لقمة حوالي +40 ميلي فولط وهي النقطة التي تصبح فيها قنوات

الصوديوم معطلة ونحن في دور الحران المطلق. تفتح قنوات البوتاسيوم المبوبة بالفولطاج، وتبدأ بالتعاون مع مضخة الصوديوم والبوتاسيوم لإعادة استقطاب الخلية لدرجة مبالغة فتسبب فرط استقطاب الخلية.

تدخل قنوات الصوديوم حالة الراحة المغلقة وفي الوقت نفسه تبداً قنوات البوتاسيوم بالإغلاق ونكون هنا في دور الحران النسبي حتى تغلق جميعها أخيراً ونصل إلى جهد الراحة للغشاء.

إذاً، نتيجة لدخول شوارد الصوديوم الإيجابية وإزالة استقطاب الخلية، تنتقل الإشارة الكهربائية على طول المحوار. عظيم. ولكن في الحقيقة، هذه العملية ليست سريعة.

لذلك يوجد الميالين الدهني الآتي من الخلايا الدبقية كخلايا شوان أو الخلايا قليلة التغصنات لا تحتوي هذه المناطق المغطاة بالميلانين قنوات شاردية مبوبة بالفولتاج في غشائها لذلك لا تستطيع الشوارد ببساطة التدفق إلى الخلية، وهذا التدفق يحدث فقط في الأماكن بين الميالين في مناطق يدعى بعقد رانفير.

لذلك بدلاً من التقدم عبر قنوات، فإن الشحنة تقفز من عقدة إلى عقدة. لذلك فإن الشوارد لا تدفق عبر الميالين إلى الجانب الآخر، لأن ذلك سيكون بطيئاً جداً.

مايحدث فعلاً، أن شوارد الصوديوم تسرع بالتصادم بشوارد صوديوم هي بالأصل في الداخل والتي تصطدم ببعضها بعضاً حتى تصل إلى العقدة التالية. تكون حركة الشحنة في هذه الطريقة في المناطق الميالينية سريعة جداً وتدعى

التَوصيلٌ القَفْزِيّ ويبدو جهد الفعل كأنه يقفز من عقدة إلى أخرى. حسناً خلاصة سريعة للغاية، يحدث جهد الفعل العصبي عندما تتلقى التغصنات جهداً استثارياً تالياً للمشبك كافياً لفتح قنوات الصوديوم المبوبة بالفولتاج والذي يسبب

إزالة استقطاب سريع للغشاء العصبي وانتشار الشحنة الكهربائية من عقدة لعقدة على امتداد المحوار. شكراً للمشاهدة، يمكنكم مساعدتنا عبر التبرع على patreon أو بالاشتراك في قناتنا أو إخبار أصدقائك عنا في مواقع التواصل الاجتماعي