تحليل رواية "الحارس في حقل الشوفان" لجاي دي سالينجر

مرحًبا، أنا جون غرين، وهذه حلقة جديدة من Crash Course للأدب. وسنتابع اليوم نقاشنا لهذه الرواية قصة جيه دي سالينجر "الحارس في حقل الشوفان".

غالًبا ما ينتقد المراهقون هولدن كولفيلد لاعتبارهم أنه يشبه ناثانيال هوثورن المتذمر الذي يكره حياته لكنه لا يفعل شيًئا لتغييرها.

سيد غرين، سيد غرين، يقول الأولاد في المدرسة إنه يشبهني. وهو يشبهني بالفعل يا أنا من الماضي. وبصراحة، فكرة كون مشاكلك التافهة في حياتك المترفة

قد تكون موضوع قصة أدبية عظيمة هو شيء يصعب تقبله. وكم مرة علي أن أقول هذا؟ ُيمنع ارتداء القبعات في الصف! خاصة قبعات الصيد.

وفي هذه المرحلة، إن كنت من الأشخاص الذين يعتقدون أن علينا قراءة الكتب ونحن نفكر في مؤلفيها يصبح من الضروري أن نذكر أن جيه دي سالينجر شهد معارك في الحرب العالمية الثانية

أكثر من أي أمريكي آخر. قصص الحرب الأمريكية الرائعة لذلك الجيل مثل Catch-22 وSlaughterhouse-Five وThe Naked and the Dead

ُكتبت كلها على أيدي رجال شهدوا من ويلات الحروب أقل بكثير من جيه دي سالينجر. كان على شاطئ "يوتا" في يوم الإنزال في "نورمندي". وفي معركة الثغرة

وكان من أول الأمريكيين الذين دخلوا معسكرات الاعتقال المحررة. لكن سالينجر عاد إلى الوطن ولم يكتب عن الحرب بل كتب عن هولدن كولفيلد الذي يتسّكع في مدينة نيويورك.

إذن، يمكننا القول إن المخاطر ليست شديدة في هذه الرواية لكن كما عرف سالينجر، فإن العالم القاسي والمزيف للبالغين لا يعامل أمثال هولدن كولفيلد معاملة سيئة، بل يقتلهم.

إذن، من السهل والشائع الجمع بين شخصية هولدن كولفيلد مع جي دي سالينجر الرجل. المرة الوحيدة التي وافق فيها سالينجر على تمثيل الرواية مثًلا

كان عرضها كمسرحية لعب فيها بنفسه دور هولدن كولفيلد رغم أنه في ذلك الوقت كان سالينجر في الثلاثينيات من عمره. هولدن كولفيلد مهووس بالشابات

ولديه علاقة متناقضة جًدا مع ميولهن الجنسية. واعد جيه دي سالينجر وتزوج بالكثير من النساء ممن كّن يصغرنه بعشرات السنين.

لكن في النهاية، لا أظن أنه من المثير للاهتمام أن نستخدم رواية لتحليل مؤلفها. على أي حال، تخيل أنك عدت للتو من حرب مريعة ومدمرة.

شهدت المعارك ومعسكرات الاعتقال وفقدت براءتك بطريقة لن تصيب أي منا لحسن الحظ. كما تناقشنا الأسبوع الماضي

فإن العلامة التقليدية للرواية هي أنها كتاب عن التمسك بالبراءة رفض بيتر بان أن يكبر واعتقاد كريس جينر بأنها تستطيع أن تكون واحدة من بناتها

واستثمار دونالد ترامب ثروته في الشعر المستعار الذي لا يمكن تصديقه. وأن محاولة إبقاء كل شيء على حاله والحفاظ على براءة الجميع هي مهمة حمقاء تقود صاحبها للجنون.

وهناك الكثير في القصة مما يساند ذلك. مقدار حبه لعدم تغير شيء في متحف التاريخ الطبيعي وتفضيله لتخيل جين غالغر على أنها لاعبة شطرنج فاشلة

على اعتبارها كائًنا جنسًيا أو رغبته بأن يكون حارًسا في حقل الشوفان. ورغم أن هولدن فقد صوابه بسبب هذه الرغبة في الحفاظ على البراءة

إلا أن هناك جانب بطولي أيًضا للأمر. فقد يكون حارس حقل الشوفان في مهمة ميئوس منها لكنها مهمة نبيلة على الأقل.

مثل مهمة غاتسبي أو روميو. فالأطفال يستحقون حمايتنا وفي الحروب وغيرها

غالًبا ما رأى سالينجر وأحياًنا كان هو نفسه ضحية عالم البالغين المزيف الذي يفترس الضعفاء والخائفين. وفي هذه القراءة، فإن المشهد الأخير للكتاب مثير للاهتمام بشكل خاص.

فلننتقل إلى فقاعة الأفكار. أخت هولدن الصغرى فيبي تركب لعبة الخيول وهو من أكثر الأنشطة الطفولية براءة.

قالت إنها كبيرة على ذلك، لكن هولدن أقنعها بالعكس. لكنه كبير على اللعبة بالتأكيد، لذا، فقد وقف متفرًجا فحسب. وبينما تدور اللعبة، كانت فيبي، كما الحال مع الأطفال الآخرين

تمد يدها لالتقاط خاتم ذهبي. ويقول هولدن... "كنت أخشى أن تسقط عن الحصان اللعين" "لكني لم أقل أو أفعل شيًئا"

"فمع الأطفال، إن أرادوا التقاط الخاتم الذهبي، فعليك السماح لهم بفعل ذلك" "بدون أن تقول شيًئا." "إن سقطوا، فلا بأس، ولكن من السيئ أن تقول لهم شيًئا."

انتهت اللعبة، وتحاول فيبي إقناع هولدن بركوبها لكنه يرفض، ثم تبدأ الأمطار بالهطول. فترتدي قبعة الصيد الحمراء الخاصة بهولدن.

"وهي سحرية، إن كان ذلك ممكًنا". عادة ما ُيفسر هذا المشهد على أنه يتحدث عن البراءة والتغيير. وهكذا فسرناه في الأسبوع الماضي.

لكن قبعة الصيد الحمراء تلك أساسية. يقول لنا إنه حصل على القبعة ُبعيد تركه معدات المبارزة في قطار الأنفاق وهي لحظة شديدة الحساسية.

ويبدو أنها تمنحه الثقة. فهو يرتديها حين يكتب المقال عن قفاز آلي. لكنه يخجل بها أيًضا، ويخلعها لئلا يبدو مريًبا

ويضعها فقط حين... كما يقول "حين أعرف أني لن ألتقي بأحد يعرفني." وفي النهاية، تضع فيبي قبعة الصيد على رأسه كأنها تريد أن تقول

هذه القبعة تمنحك الثقة المطلوبة لإبعاد المطر عن عينيك" "وعيش حياتك بقليل من النزاهة في عالم البالغين؟" "فارتِدها."

شكًرا يا فقاعة الأفكار. إذن، باختصار، بطريقة هادئة ومتقنة تتعاطف فيبي مع هولدن

وذلك مدهش، لأنه لم يتعاطف معه أحد في الرواية كلها. يمكن لهولدن أن يكون متعاطًفا جًدا. تذكروا أنه كتب رسالة لمعلمه

ليقول له ألا يشعر باستياء بشأن ترسيبه. لكن من أصدقائه إلى معلميه إلى الراهبات إلى بائعات الهوى إلى سائقي التاكسي لا يشعر هولدن أبًدا بأن هناك من يسمعه.

جيه دي سالينجر معروف بأنه لا يحب الشهرة توقف عن النشر في بداية ستينات القرن الـ19 وعاش حياة انعزالية جًدا. في فقرة شهيرة من الرواية يقول هولدن

"ما يدهشني هو كتاب حين تنتهي من قراءته" "تتمنى لو كان الكاتب أحد أصدقائك" "ويمكنك الاتصال به هاتفًيا كلما رغبت في ذلك."

باختصار، مؤلف يتعاطف معك. كملاحظة جانبية، ليس تعقب مؤلف فكرة جيدة، حتى إن كان ينشر كثيًرا على تويتر، لا تذهب إلى منزله.

كان سالينجر من ذلك النوع من المؤلفين بالنسبة إلى الملايين، ومن بينهم أنا. نقرأ رواية "الحارس في حقل الشوفان" ونشعر بأن الكتاب يفهمنا بطريقة عميقة وغير ممكنة

لكن ما لم يفهمه هولدن كولفيلد وفهمه سالينجر هو أن الكتاب والمؤلف ليسا سّيان. قد تتمنى لو كنت تستطيع الاتصال بالمؤلف كلما رغبت بذلك

وسأكرر... لا تفعل ذلك لكن العزاء الحقيقي ليس في المؤلف نفسه وإنما في النص. وهنا يصبح من الممكن أن نذكر

أن هناك شخصيتّي هولدن في القصة هولدن في الـ16 من عمره الذي تحدث له القصة وهولدن في الـ17 من عمره الذي يحدثنا عنها.

هولدن الذي تحدث له القصة لا يجيد إقناع الآخرين في الإصغاء إليه. في الواقع، الجميع في الكتاب ومن ضمنهن هولدن ينهمكون بشؤونهم الخاصة لدرجة أنهم لا يصغون لأحد.

لكن لنكون منصفين، فهم منهمكون لأن... هل حان الوقت للرسالة المفتوحة؟ رسالة مفتوحة عن مصطلح "منهمك بشؤونه". لكن أوًلا، فلنر ماذا يوجد في الدرج السري اليوم.

إنها لعبة الخيول الدوارة. تدور وتدور باستمرار... أنت رنانة جًدا بشكل رمزي.

لكن لدي رسالة مفتوحة أريد تسليمها. وهذا البرنامج لا يتحدث عن ألعاب الخيول الدوارة، بل عني أنا. عزيزي المنهمك بذاته، بمن علي أن أنهمك إذن؟

فلنتخيل أني بدًلا من التفكير في نفسي أمضيت وقتي في التفكير في شخص آخر وبما يفعله ويشعر به الآن.

أتعرفون ما اسم ذلك؟ تلصص! إلا إن كان ذلك الشخص هو بينيدكت كامبرباتش. فسيكون اسمه "تامبلر".

اسمعوا أيها المنهمكون بأنفسهم، 155 ألف شخص سيموتون اليوم. إن شعرت بفقدان هؤلاء الـ155 ألف شخص بنفس القوة التي سأشعر بها بفقدان بينيدكت كامبرباتش مثًلا

فسأكون مجنوًنا مثل هيرمن ميلفيل. ينهمك الناس بأنفسهم لأننا إن تعاطفنا مع كل البشر بنفس الدرجة فلن نستطيع إنجاز شيء.

التحدي هو أن تفهم أنك صحيح أنك ستكون الشخصية الرئيسية قصتك إلا أن الآخرين لهم أهمية أيًضا، والتعاطف معهم مهم جًدا.

باختصار أيها المنهمك بذاته، ليست لدي مشكلة معك بشكل خاص لكن ليس عليك أن تفقد صوابك بشأن ذلك. مع أفضل الأمنيات، جون غرين.

إذن، هولدن الذي تحدث له القصة لا يستطيع إقناع أحد بالإصغاء إليه باستثناء أخته، متلصص محتمل. لكن بعد سنة، وجد طريقة ليكتب عن قصته، ويجعلنا نهتم.

من خلال أشياء كقبعة الصيد الحمراء نفهمه، ونستطيع الإصغاء إليه. ورغم أنه لا يخوض معاركه على شاطئ يوتا أو غابة هيرتغن

إلا أننا نهتم بها. هذه هي معجزة اللغة، خاصة اللغة المؤثرة المجازية. قبعة الصيد، الصوت الكسول، متحف التاريخ الطبيعي، لعبة الخيول.

كل هذه الأشياء هي طرق توصلنا إلى تجربة هولدن. هكذا يدخل إلى أدمغتنا ويجعلنا نرى العالم من خلال عينيه. بعد وصف دوران فيبي في تلك العربة

يكتب هولدن قائًلا "رباه! أتمنى لو كنتم هناك!". لكننا هناك فعًلا! حين يتذمر الطلاب من القراءة بطريقة نقدية

ومن اضطرارهم إلى القيام بكل هذه الواجبات لمادة الإنجليزية ذلك ما ينسوه. كل تلك الأشياء في مادة الإنجليزية هي طريقنا إلى التعاطف، بالنسبة لهولدن ولنا جميًعا.

إنها طريقة لنسمع وليسمعنا بها الآخرون. أشكركم على المتابعة، سأراكم في الأسبوع المقبل. Crash Course من إنتاج وإخراج ستان مولر.

مشرفة النص هي ميريديث دانكو. ومساعد المنتج هي دانيكا جونسون وأنا كتبت البرنامج، وفريق الرسم هو Thought Bubble.

في كل أسبوع، بدًلا من الشتم أستخدم اسم مؤلف أحبه أو ناثانيال هوثورن. يمكنكم اقتراح مؤلفين آخرين في التعليقات

حيث يمكنكم أيًضا طرح الأسئلة بشأن فيديو اليوم وسيجيبها فريقنا من خبراء الأدب. أنا أمزح يا ناثانيال هوثورن، أنا أحبك.

أشكركم لمتابعة Crash Course، وكما نقول في بلدتي لا تنسوا أن تكونوا رائعين.