مقدمة في علوم الكمبيوتر: من العداد إلى الحواسيب الحديثة

مرحباً ايها العالم, ادعى "كاري آن" واهلا بكم في علوم الكمبيوتر من "كراش كورس" خلال الحلقة الدراسية من هذه السلسلة, سنبدأ من الـbits والبايت, الترانسيستور والبوابات المنطقية, وصولا الى أنظمة التشغيل, الواقع الافتراضي والروبوت.

سنتكلم عن الكثير, فقط للتوضيح.. لن نعلمكم كيف تبرمجون. بدلا عن ذلك, سنستكشف مجموعة من مواضيع الحوسبة قواعدياً

و تكنولوجياً. الحواسيب هي الآن شريان العالم. فإذا جميعها توقفت الآن, كل محطات التغذية الكهربائية ستتوقف عن العمل,

السيارات ستصطدم ببعضها, الطائرات ستسقط, محطات معالجة المياه ستتوقف, أسواق الأسهم ستتجمد, شاحنات الطعام لن تعلم وجهة التوصيل, والموظفين لن يتم الدفع لهم. حتى الأشياء التي لا علاقة لها بالكمبيوتر كـ القمصان و الكرسي الذي جالسة عليه الآن

صنعت في مصانع تدار بالحواسيب. إن الحوسبة حولت بالفعل كل ناحية تقريبا من حياتنا. وهذه ليست اول مرة نرى هذا النوع من التغير العالمي الممعتمد على التكنولوجيا.

التقدم في الصناعة خلال الثورة الصناعية قدمت مرتبة جديدة في الحضارة الإنسانية- في الزراعة, الصناعة, والحياة المنزلية. المكننة (تحويل كل شي الى آلة) قدمت محاصيل فائقة و طعام اكثر, بضائع منتجة بكميات هائلة,

تواصل وتنقل اسرع وارخص, و حياة بجودة افضل بشكل عام. و الحوسبة تقوم الآن بنفس الشيء - من الزراعة الآلية الى المعدات الطبية, الى الإتصالات العالمية والفرص التعليمية, وحدود جديدة تماماً

كـ الواقع الافتراضي والسيارات ذاتية القيادة. نحن نعيش بزمن سيتم الإشارة له على الاغلب "بالعصر الالكتروني"! مع وجود مليارات الترانسزتورات في هاتفك الذكي, الحواسيب تبدو معقدة قليلا,

لكن فعلياً, إنها مجرد آلات تقوم بأعمال معقدة خلال طبقات عديدة التجريد (الافكار المبسطة) وبهذه السلسلة, سنفكك هذه الطبقات, ونرتقي من الاصفار والواحدات البسيطة

الى الوحدات المنطقية, وحدات المعالجة المركزية(المعالجات), انظمة التغشيل, الانترنت بكامله.. وما بعدهااا لا تقلق, بنفس الطريقة التي تعني ان الشخص الذي يشتري قمصان من صفحة ما على الويب ليس مجبراً ان يعرف كيف تمت برمجة هذه الصفحة, حتى مصمم الويب لا يتحاج ان يعرف

كيف كل هذه الرزم تم توجيهها, وحتى مهندسي الموجهات(الراوترات) لا تحتاج ان تعرف منطق الترانزستور, ستُبنى هذه السلسلة على حلقات سابقة ولكن لن تعتمد عليها. في نهاية هذه السلسلة, اتمنى ان تصبح افضل بوضع إطار دور الحاسوب

في حياتك الشخصية والمجتمع على حد سواء, وتعلم كيف ان اعظم اختراع للبشرية هو في مرحلته الطفولية وتأثيراته العظيمة آتية. لكن قبل البدء بكل هذا, يجب علينا البدء بأصل الحوسبة لأنه على الرغم

من ان الحواسب الالكترونية هي حديثة نسبيا, الحاجة للحوسبة ليست كذلك. أقدم جهاز معرف للحوسبة

كان العداد, تم اختراعه في "ميسوبوتاميا" في حوالي 2500 قبل الميلاد. أساسياً هي حاسبة مدارة باليد تساعد في جمع وطرح ارقام عديدة وأيضا تخزن الحالة الآنية لهذه العملية, تشبه ما يفعله اليوم القرص الصلب في جهازك.

تم اختراع العداد لأن حجم المجتمع اصبح اكبر من استطاعة شخص واحد أن يحصيهم ويعالجهم في عقله. من الممكن وجود آلاف الاشخاص في قرية او عشرات الآلاف في ماشية ما.

هناك تنوعات عديدة من العداد, لكن لنلقي نظرة على النسخة البسيطة منه حيث كل صف يمثل قوة مختلف من العشرة لذا كل حبة على الصف السفلي تمثل وحدة واحدة, في الصف الذي بعده يمثلون

10, والذي فوقه 100..وهكذا. لنقول ان لدينا ثلاث رؤوس من الماشية تُمثَل في الصف الأسف على الطرف الأيمن فإذا اردنا ان نشتري 4 مواشي اخرى, فقط نزيح 4 حبات إلى اليمين ليصبح العدد الكلي 7

ولكن إذا اردنا ان نضيف 5 مواشي اخرى فوق الـ3 الأولى فستنفذ منا الحبات, لذا سنزيح كل شيء لليسار, ونزيح حبة واحدة من الصف الثاني لليمين, والتي تمثل عشرة, ثم نضيف حبتين من الصف الأسفل ليصبح العدد النهائي 12.

هذه الطريقة عملية للأعداد الكبيرة. فإذا اردنا ان نضيف 1251, فسنضيف 1 للصف الأسفل, 5 للصف الثاني 2 للصف الثالث, و 1 للصف الرابع, وبهذا لاداعي لأن نجمع في عقولنا..

العداد يخزن لنا العدد الكلي . خلال الـ 4000 سنة التي تلت, طور البشر مختلف الأنواع من اجهزة الحساب.. كـ الإسطرلاب, والذي سمح للسفن بحساب ارتفاعهم في البحر.

أو المسطرة المنزلقة, للمساعدة في الضرب والتقسيم وهناك حرفياً مئات الأنواع من الساعات التي يمكن استعمالها لحساب الشروق, المد والجزر, مواضع الأجرام السماوية وحتى حساب الوقت فقط.

كل من هذه الأجهزة جعلت حساب الشيء الذي كان في السابق مرهق اسرع, أسهل, وفي معظم الأحيان اكثر دقة. فهي خفضت حاجز الدخول, وفي الوقت نفسه ضخمت قدراتنا العقلية. سجل ملاحظة! هذه السمة

سنعبر عليها كثيرا خلال السلسلة. كـ رائد في الحاسوب "تشارلز بابيج" قال: "كلما زادت المعرفة و زاد اختراع الجديد, العمالة البشرية تصبح مختصرة."

ومع ذلك, ولا جهاز من هذه الأجهزة لقبت بالـ"كمبيوتر". اقدم استخدام مسجل لكلمة "كمبيوتر" كان في 1613, في كتاب لـ "ريتشارد برايثوايت". ولم تكن آلة على الإطلاق, فقد كان لقب عمل.

(برايثوايت) قال: " قرأت اصدق كمبيوتر في الأزمان, و أفضل خبير في علم الحساب تنفس, ويقلص عدد أيامه في أرفام قصيرة" في تلك الأيام, الكمبيوتر كان الشخص الذي يقوم بالحساب, بعض الأحيان بمساعدة الآلات,

لكن معظم الأحيان بدونها. لقب العمل هذا استمر حتى نهايات القرن التاسع عشر, حيث بدأ معنى الكمبيوتر بالإشارة للأجهزة.

الجدير بالملاحظة من هذه الأجهزة كان "حاسب الخطوة" بُنِي من قِبل العالم الألماني "جوتفريد لايلانيز" في العام 1694. لايبنيز قال:".. إنها لتقليل من كرامة الرجال المتفوقين أن يضيعوا وقتهم بالحساب

بينما أي فلاح يمكن ان يفعل الشيء نفسه وبنفس الدقة بمساعدة آلة." كانت تعمل (حاسب الخطوة) تقريبا بنفس مبدأ عمل عداد المسافات في سيارتك, والتي هي مجرد آلة تضيف عدد الكيلومترات التي قدتها في سيارتك.

كان لدى الجهاز سلسلة من المسننات التي تدور. كل مسنن يملك عشرة اسنان, ممثلاً الارقام من 0 الى 9. كلما كان المسنن يجتاز التسعة, يعود مجددا للصفر مديراً المسنن المجاور سن واحد.

بالمثل تقريباً عند الوصول للعشرة في العداد البسيط. وهذه العملية تعمل بالعكس عن الطرح. ببعض الحيل الميكانيكية, حاسب الخطوة كان قادراً ايضاً على ضرب وتقسيم

الأرقام. الضرب والتقسيم هي حقاً مجرد جمع متعدد و طرح متعدد. على سبيل المثلا, إذا اردنا ان نقسم 15 على 5, فقط نقوم بطرح 5 ثم 5 ثم 5 مرة اخرى,

عندها لا يمكننا ان نطرح أي 5 بعد الآن.. وبذلك نعلم أن ال 5 تتسع ضمن ال17 ثلاث مرات, بـ 2 باقي. حاسب الخطوة كان قادراً على فعل نفس الشيء بطريقة آليه, وكان الآلة الأولى

القادرة على فعل جميع العمليات الحسابية. هذا التصميم كان ناجحاً جدا وتم استخدامه كتصميم للآلات الحاسبة خلال الثلاث قرون التي تلت لسوء الحظ, حتى بوجود الحاسبات الآلية, معظم مشاكل الواقعية تطلبت خطوات

حسابية عديدة قبل تحديد الإجابة. من الممكن ان تأخذ ساعات او أيام لتنتج نتيجة واحدة. حتى هذه الآلات المصنعة يدوياً كانت غالية, وغير قابل للوصول لمعظم السكان.

لذا, قبل القرن العشرين, معظم الناس جربت الحوسبة من خلال الجداول المحسوبة مسبقاً والتي جمعت من قبل الـ "الكمبيوترات البشرية" الرائعة التي تكلمنا عنها من قبل. فإذا اردنا ان نعرف الجذر التربيعي لـ 8 مليون و 675 الف وثلاثمئة و تسعة

بدلاً من نضيع يوما بكامله بتجهيز حاسب الخطوة.. يمكن ان تبحث الجواب خلال دقيقة تقريبا في كتاب يضم جداول لجميع الجذور التربيعية. السرعة والدقة عوامل هامة جداً في ميدان المعركة, ولذلك القوات العسكرية

كان من اول من طبق الحوسبة على المشاكل المعقدة. مشكلة بارزة كانت اطلاق المدفعية بدقة, والتي خلال القرن التاسع عشر يمكن ان تقطع اكثر من كيلومتر (اكثر من نصف ميل تقريبا).

مضيفاً على ذلك ظروف الرياح المتغيرة, الحرارة, والضغط الجوي, حتى ضرب شيء ضخم بحجم سفينة كان صعباً عليهم. جداول المدى سمحت للمصوبين بالبحث عن الظروف المناخية

والبعد الذي يريدون القصف منه, ويقوم الجدول بإعطائهم الزاوية التي يجب ضبطها على المدفع. جداول المدى هذه عملت بشكل جيد جداً, حتى أن تم استخدامهم خلال الحرب العالمية الثانية. المشكلة كان, اذا غيرت تصميم المدفع او القذيفة, يجب ان يتم

حساب جدول جديد كلياً, والذي كان مستهلكاً للوقت بشكل هائل وبنهاية المطاف يقود لأخطاء. "تشارلز باببيج" عرّف هذه المشكلة في الـ 1822 في ورقة للمجتمع الملكي الفلكي بعنوان :" ملاحظة على التطبيق الآلي بحساب الجداول

الفلكية والرياضية" لنذهب لفقاعة الفكر. تشالز باببيج قدم جهاز ميكانيكي جديد يدعى محرك الإختلاف,

آلة معقدة جداً تستطيع تقريب متعددو الحدود( بولينوميالس, مصطلح رياضي) متعددو الحدود تشرح العلاقة بين العديد من المتغيرات كـ المدى و ضغط الهواء, أو كمية البيتزا التي تأكل كاري آن و السعادة.

يمكن استخدام متعددي الحدود لتقريب المعادلات اللوغارتمية والمثلثية, وذلك صراع بحد ذاته لحسابهم باليد. بدأ باببج بالبناء عام 1823, وخلال العقدين التاليين, حاول صنع و تجميع

ما يقارب 25000 قطعة, بوزن كلي 15 طن تقريباً. لسوء الحظ, المشروع تم هجره بالنهاية. لكن في 1991, انهى المؤرخون بناء محرك اختلاف مبني على رسومات و كتابات باببج.

و عملت الآلة بالفعل!! لكن الأكثر اهمية, ان خلال بناء محرك الأختلاف, تخيل باببج آلة اكثر تعقيداً.. المحرك التحليلي.

على عكس محرك الاختلاف, حاسب الخطوة و جميع الاجهزة الحوسبية التي سبقتها, المحرك التحليلي كان " كمبيوتر لغرض عام" يمكن استخدامه لعديد من الأشياء, ليس حساب شيء محدد فقط, فيمكن إعطائه

بيانات ليقوم بعمليات على التتالي, كان يملك ذاكرة و حتى طابعة بدائية. و كمحرك الاختلاف كان سابق عصره, ولم يتم بناءه كلياً. ومع ذلك, فكرة "الحاسب الآلي" - قطعة تستطيع ان ترشد نفسها

خلال سلاسل من العمليات الاتوماتيكية, كانت شيء كبير, وتبشر بقدوم برامج الكمبيوتر. عالمة الرياضيات الإنكليزية "آدا لوفليس" كتبت برنامج افتراضي للمحرك التحليلي قائلة: "لغة جديدة, واسعة, وقوية قد طُورَت للإستخدام المستقبلي للتحليل."

ولعملها, (آدا) تعتبر أغلب الأوقات المبرمجة الأولى في العالم. محرك التحليل سيلهم بشكل جدلي, الجيل الأول لعلماء الكمبيوتر والذين دمجو الكثير من افكار باببج في آلاتهم.

ولذلك اعتبر باببج "أب الحوسبة". شكراً فقاعة الفكر. إذاً وبنهاية القرن التاسع عشر, اجهزة الحوسبة كانت تستخدم لأغراض مخصصة

في العلم والهندسة, لكن نادراً ما تُشاهَد في الأعمال, الحكومة, أو الحياة المنزلية. مع ذلك, الحكومة الأمريكية واجهت مشكلة كبيرة عملية التعداد السكاني عام 1890 والتي تطلبت نوع من الكفاءة فقط الكمبيوترات تستطيع تقديمه.

الدستور الأمريكي ينص أن التعداد السكاني يجب ان ينفذ كل عشر سنوات, لأغراض توزيع الرصيد الفدرالي, التمثيل في الكونغرس, واشياء اخرى جيدة كهذه. وبحلول 1880, التعداد السكاني للولايات المتحدة كان يتضخم بشكل هائل, معظمه بسبب الهجرة.

عملية تعداد السكان تلك اخذت سبع سنوات لتجمع يدوياً و وعندما اكتملت كانت منتيهة الصلاحية مسبقاً. وقد توقع ان عملية تعداد السكان ل 1890 ستأخذ 13 سنة ليتم حسابها. هذه معضلة عندما يتطلب فعل ذلك كل عشر سنوات.

لجأ مكتب تعداد السكان لـ هرمان هولريث, الذي قد بنى آلة تصنيف آلته كانت "كهروميكانيكية" استخدمت انظمة مكانيكية تقليدية للقيام بالعد كـ حاسب الخطوة -- كلن وصل هذه الأنئمة بقطع مغذاة كهربائياً.

ماكنية هولريث استخدمت مجموعة من الكروت والتي كانت كروت ورقية بشبكة من المواقع التي يمكن ان تثقب لتمثل بيانات. مثلاً, كان هناك سلسة من الثقوب للحالة الزوجية.

فإذا كنت متزوج, ستثقب بقعة المتزوج, وبعدها توضع البطاقة في ماكينة هولريث, وستمر بعض الإبر المعدنية فوق البطاقة إذا كانت البقعة مثقوبة, ستمر الإبرة خلال الثقب إلى قنينة صغيرة

من الزئبق, والتي بدورها اكملت الدارة. الآن هذه الدارة الكاملة غذت موتور كهربائي, والذي يدير مسنن ليزيد واحد, بهذه الحالة, يزيد واحد لمجموع المتزوجين.

ماكينة هولريث كانت تقريباً اسرع بعشر مرات من الجدولة اليدوية وعملية التعداد أكلمت بغضون سنتين ونصف, موفراً لمكتب التعداد السكاني ملايين الدولارات!. بدأت الأعمال بتقدير اهمية الحوسبة, ورأت قدرتها على تضخيم

الأرباح بتحسين المهام الكثيفة البيانية والعمالية, كـ المحاسبة, التأمين, التقييم, وإدارة التخزين. ولتلبية هذا الطلب, أسس هولريث شركة آلة الجدولة, والتي بعدها اندمجت

مع صانعي ماكينات اخرين في 1924 ليصبحوا شركة ماكينات العمل الدولية او IBM والتي سمعتهم بها من قبل على الأغلب. هذه الآلات الالكتروميكانيكية كانت نجاح هائل, محولة التجارة

والحكومة, وبمنتصف القرن العشرين, الانفجار السكاني العالمي وصعود التجارة العالمية, تطلبت حتى أدوات اسرع واكثر مرونة لمعالجة البيانات, مجهزة المسرع للكمبيوترات الرقمية, والتي سنتكلم عنها الأسبوع المقبل.